خبث الفكر وعذرية الجسد

بقلم: بشرى الوهاب *

انصب الاهتمام على عذرية الجسد فيما لم يلامس أحد عذرية الفكر هل الأمر متعلق بمسألة عدم إمكانية قياسه وكشفه كعذرية الجسد ؟ أم أننا نخاف من فتح هذا الباب المغلق الذي سيكشف حقائق نحن في غنى عنها؟

يولد الانسان على الفطرة التي جعلها الله أساس خلقنا, ففي الفطرة توجد العفة والطهارة ونقاء القلب ,يتم لفنا بالثوب الأبيض عربونا على حسن خلقنا وجماله نولد صفحة بيضاء حتى أن أفكارنا آنذاك لا تشع إلا بالنقاء, اننا شيئا فشيئا نغوص في رحلة اكتشاف محيطنا الأسري ثم ننتقل فيما بعد إلى عالم ماخلف الباب المغلقة, عالم يعلمنا معنى المجتمع, معنى هذا محضور وهذا مباح و ضرورة كبح شهواتنا و رغباتنا وتقنينها بالسنة والشرع الإلهي حماية لإستقرار حياتنا وهنا ندخل مرحلة الغربلة, لكن مايحدث في الغالب أن معظم الاشخاص لايتسطعون أن يتقبلو فكرة التخلي عن معتقداتهم وأفكارهم رغباتهم وشهواتهم وأن يضطرو لكبحها خوفا من تلقي العقاب واللوم من المجتمع, أو أن ينعثو بالمختلين أخلاقيا أو فكريا لاعتناقهم أفكار لاتلائم المجتمع عملية الغربلة هاته توقظ بداخلهم ذلك الجانب الخفي من شخصيتهم المعقدة, بل الأكثر من ذلك بعض الأشخاص يصابون بإضطراب الشخصية لتتعقد الأمور فتحجب الرؤيا عن هؤلاء بالذات.

يوجد العديد من الناس من يفتقدون عذرية الفكر رغم عذرية الجسد هذه الأخيرة التي يسعون للحفاظ عليها أمام المجتمع كدليل على نقائهم وطهارتهم بأعتبارها المقياس, إن عذرية الفكر لايمكن أن تكون كمعادلة إنما هي نتاج أفكار قد لايفصح عنها المرء حتى مع نفسه ولاتظهر في حديثه, بل تفتض بكارتها سلوكيا تترجم في سلوك الفرد, وأضرب بذلك مثال كالتي تزوجت فقط من أجل الانتقام من حبيبها السابق أو تحت مسمى تقاليد وعادات الزواج (زواج العائلة), حيث تتزوج الفتاة وتفكيرها في حب سابق قابع في قلبها, فأين عذرية الفكر والإخلاص لذلك الشخص الذي تزوجته؟ والشخص الذي تربى على العنف ستتكون لديه قناعة وسيلوث فكره وفي النهاية سيترجم ذاك السلوك على انه هو الأصل قد يصل او يتطور إلى أفضع من ذلك “القتل”, و في حالة أخرى الشخص العاق لوالديه او أحدهما ذلك كان نتاج أفكار وسلوكات أفقدته عذرية الفكر الحسن والايمان المفتقر لوصية الرحمان بالوالدين فكانت أزمة الأخلاق هنا وفكر مشوه نتيجة أوصلته لجحر تعيس, وعن عذرية الجسد عند المرأة, هي مقياس عفتها أليس كذلك؟

لكن دعوني أكشف لكم حقيقة أخرى تلك الطفلة التي يتم إغتصابها من طرف وحش أدمي فكره الخبيث وغريزته الوحشية المكبوثة أودت به إلى هتك عرضها أو إغتصابها, فاصبحت عرضة للنظرة القاسية والحديث الجارح, فالمغتصب أهان أسرة بأكملها ودمر حياهم لتلبية رغبة كامنة فيه, خاصة وأن المجتمعات العربية لازالت تعاني حساسية من هذا الموضوع, هي بذلك فتاة فاقدة لعذرية جسدها وهذا صحيح لكن ماذا عن عذرية فكرها إنها لم تنزلق وراء الحب ولم تكن لديها مرجعية خبيثة عن الجنس, قد تجدها تفتقر للوعي الكلي لهذا الموضوع, حتى أنه حينما يحدث بها هذا الأمر لا تستوعبه إلا بعدما تصل إلى مرحلة معينة لتدرك حجم الفاجعة التي أصابتها بدون وجه حق عذرية الفكر هنا عذرية صادقة نقية ولكنها حتما ستتاثر بهذا الفعل الذي قد يؤدي بها مع مرور الزمن إلى عقد وأفكار خبيثة ستكتشف في سلوكها, حقيقة عذرية الفكر من الصعب الحفاظ عليها تحتاج الى قوة كبيرة لمواجهة شهوات الحياة وغرائز الانسان والتمسك بمبادىء قيمة مرجعيتها حسن التربية والتنشئة الحسنة, مفاهيمنا تحتاج إلى فرمطة, تفتقر في غالبها إلى التربية الأولى في المدرسة الأولى التي يتعلم منها الانسان, عذرية الفكر هي الأساس هي المحرك هي أخلاقنا سلوكنا هي نحن, إما عذرية الجسد ليست هي المقياس الحقيقي للإنسان.

* طالبة باحثة في القانون الخاص

 

Loading...