حمزة الوكولي/مقال الرأي
شاءت الأقدار على الساعة الثانية و النصف صباحا، أن أتجول في شوارع مدينة طنجة ليلا بعد فترة طويلة لم أقوم بالتجوال ليلا.
و أنا أتمشى و عباب مطر خفيف يتساقط أحسست بحزن غريب ينتاب طنجة، كانت تقول: ” أين أنتم يا من جعلتموني رمز التسامح و التعايش؟ أين أنتم يا من تغنيتم و كتبتم القوافي و ألفتم الكتب و الروايات و السير الذاتية بين جناباتي؟ أين أنتم يا من تدعون أنفسكم أنكم حراس الثقافة و الفن، بل أنتم المبدعون الحقيقيون و لا تعرفوا سوى الكلام الفارغ بين المقاهي و العيش في الماضي دائما؟ أنا طنجة المسرح إنطلق مني و صال و جال في هذا الوطن و لا توجد عندي أية قاعة أو مسرح يستجيب لمعايير الممارسة، لا توجد عندي أبسط الأشياء التي تحفظ ذاكرتي منذ أن وطأت أقدام أول إنسان أرضي….
أرجوكم دعوني من الفراغات و اجعلوني حية حتى أستحق كل الألقاب التي سميتموني بها، أنا طنجة نعم لدي أسطورة التأسيس، معركة هرقل الشهيرة، لدي ابني العوام الذي صال و جال الدنيا و لم تعطوه إعتباره، لدي ماتيس و دو لاكروا رسموا عني لوحات تباع بعشرات الملايين من اليورو، لدي علاقة مع كل الحضارات و الثقافات و الدول، لدي بحرين يلتقيان بين أحضاني، لدي كل شيء و لكن أنتم أتحافظون علي؟ كلا فقد غيرتم كل شيء حتى المعمار و المدينة العتيقة غيرتموها، جعلتموني ملك الآخرين أصحاب المصالح الإقتصادية و المقاولاتية، أنا لن أتغير بل أنتم من غيرتموني و تركتموني وحيدة أصارع في نوستالجيا الحياة.
أرجوكم أيها الفنانون، المبدعون، المثقفون، المنتخبون، كل من هو صانع القرار على تربتي أريد وعيا بهويتي و بالحفاظ على تاريخي و مجده، أريد قرارات تاريخية و ليس كلام المقاهي، أريد أن تجعلوني طنجة التي أستحق…….” هذه طنجة سمعتها تتحدث و أحسست بمعاناتها فأذرفت الدموع حقا عليها و أحسست بأنني و الكثيرون مجحفون في حقها، و ساعة التغيير و النهوض من أجل الرقي بها قد أتت، و نريد أن نكون في الموعد بعيدا عن الكلام الفارغ، النفاق الإجتماعي، الأهم الشجاعة،الإقدام، التضحية و نكران الذات و الأهم أكثر النهضة الثقافية، الفنية و الإبداعية الحقيقية حتى نرد و لو جزء من الإعتبار لها……
هذا حلمي و هذا أملي.